من أنا

صورتي
عديلة القاف يوم القاف يطراها .. يهتز سامع قصيدي وينتشي قافي ... حورية(ن) من رياض الشام مرباها .. شيمه وقيمه ورفعه ومعدنن صافي ...

الاثنين، 17 أكتوبر 2011

مسألة شرف

مسألة شرف



كان متمدداً فوق السرير وبين يديه صورة صغيرة ماينفك ينظر إليها بين الفنية والفنية ,فيما ترتسم على وجهه أبلغ صور الحقد والاشمئزاز .. عينان تلمع فيهما الكراهية والنفور , وفم انقبضت شفتاه وأنامل تنقبض بقسوة وعنف حتى أوشكت أن تشوه الصورة الصغيرة ومالبث قاسم أن انتصب واقفاً وقد أخذ منه الغضب كل مأخذ وارتسمت في عينيه نظرة كره عميق وهو ينظر إلى الصورة للمرة المائة قبل أن يأخذ في تمزيقها إلى نتف صغيرة ثم ألقى بها إلى الأرض وأخذ يدوسها بقدميه بجنون كبير وهيجان أكبر ...وعندما أدركه التعب ألقى بجسمه المنهوك فوق السرير وأغمض عينيه عله ينسى بعض آلامه ..




ولاح لخياله طيف عبير..فتاة جميلة ..مثيرة ..سمراء .. كانت تثير أعصابه بنظراتها من خلف أهدابها الطويلة وعينيها الواسعتين منذ زمن طويل وهو يحلم بها ويحاول استرضاءها ولكنها كانت تنفر منه كغزال مطارد كلما حاول التقرب منها .. ولم تسعه الدنيا من الفرح عندما آنس منها بعض الود والرضا ..وطار من الفرح والزهو .. لقد سقطت الطريدة بالفخ .. وأصبحت له .. بين يديه وتحت ناظريه .. إنه يحبها .. يحبها .. هكذا يشعر .. وهكذا تقول له أحاسيسه .. وأخذ في خياله يبني عشرات القصور لحياته القادمة الحافلة بالسعادة كما كان يريدها ويحلم بها ..حياته القادمة مع عبير.. وتقدم لطلبها من أهلها فوافقوا بعد تمنع .. فليس فيه ما يغري .. إنه موظف حكومي براتب لا يكاد يكفيه فكيف يعطونه عبير ؟؟ ..عبير التي عاشت في كنف النعيم ..هكذا كان يزعمون لكل خاطب وطالب زواج .. وقبلوا أخيراً وتمت خطبة قاسم إلى عبير وبدأ قاسم يعيش مع أحلامه .. لم يسمح لنفسه بقبلة واحدة ..كان يغار عليها حتى من أهلها ..




ومرت الشهور سريعة وهو يعمل أكثر وبنشاط أكثر لكي يتمكن من تجهيز منزل لائق بعروسه الحلوة ..لقد كانوا يتهامسون في الحي كله عن عبير .. وكان يصم أذنيه .. أجل يحسدونه ولهذا يتهامسون ..فليموتوا من الغيظ ..فلن يلتفت إليهم ولن يترك عبير ..كل ما يقولونه كذب وافتراء ..عبير ..أشرف فتاة رآها ..ولو سأل نفسه كم فتاة رأى في حياته لشك في صحة أحكامه ..ولكنه الخيال والنظر إلى الحياة بمنظار مكسور ,ولم يعد يستطيع صبراً على همسات الحي وحكاياته فصمم أن يصمت هذه الأقاويل بأسرع ما يمكن .. سيتزوجها وعند ذلك لن يستطيع إنسان أن يقول شيئاً ..




وأقام عرساً ملأت أخباره البلدة أنغاماً تشق حجب الليل في ذلك الحي المتواضع وقاسم أطلق العنان لفرحه , سعادته على وجهه تعبر عنها ضحكاته وابتساماته التي يوزعها هنا وهناك ..وكيف لا وهو في يوم فرحته الكبرى ..لقد عاش عمره من أجل الوصول إلى هذا اليوم .. وها قد حصل على مراده ..ومع قرب إطلالة تباشير فجر جديد انسحب وهو يمسك بيد فتاة أحلامه إلى مخدعه الجديد والفرحة لا تزال ترتسم على فمه ..ولم تمض أكثر من ساعات معدودة حتى انتشر الخبر في الحي كالنار في الهشيم ..




لقد تخلى قاسم عن عبير ..كيف .. وبهذه السرعة ..ولماذا تخلى عنها ؟.. لقد اكتشف في ليلة زواجه إنها لم تكن ..عذراء ..فأين ضيعت عبير عذريتها ؟..الناس في البلدة أكثروا من السؤال والتنقيب حتى وجدوا خيطاً أوصلهم في النهاية إلى الحقيقة ..كانت عبير تحب المال .. وتريد أن تنعم بملمس الأصفر الرنان ..




تريد أن تلهو بالنقود وتشتري ما يحلو لها ,تذهب إلى أي مكان وتنفق كلما خطر لها من أجل ذلك تعرفت على شادي وجعلته واسطة لنزواتها ..تعطيه ..وتأخذ منه ..وهكذا ..أخذت وأعطت وهي تظن أن زواجها القريب سيخفي كل شيء..ولكنها أخطأت الحساب ..وها قد كُشفت فماذا سيصيبها الآن؟..وأين شادي لينقذها ؟..



لقد تألم قاسم كثيراً لأنه لم يثأر لنفسه ..ولكن الخوف غلبه وحطمه فابتعد مؤثراً السلامة والاطمئنان ..سيبحث عن فتاة شريفة ..شريفة ..شريفة ..وأخذت الكلمة ترن في أذنيه فيما كان طيف عبير يتهادى أمام عينيه ..واندفع الدم إلى وجنتيه فانتصب واقفاً وأخذ يذرع الغرفة جيئة وذهاباً كالمجنون ..سيثأر لنفسه من عبير ..أجل سيثأر ..غداً سيذهب ويتزوج أي فتاة ..أي فتاة ما دامت شريفة..لم تمسسها يد قبله ..ومادام إنسان آخر لم يترك بصماته فوق جسدها ..




ولم تمض أيام معدودة حتى كان يحتفل بزواجه من فتاة أخرى من الحي اضطرت تحت ضغط الأهل لأن تترك حبيباً لها وتقبل بالزواج من قاسم ..الذي كان على علم بغرام الفتاة وارتباطها بغيره غير إنه وطن نفسه على الزواج منها ليقينه بأنه لن يلبث أن ينسيها حبيبها مع الأيام ..ولقد تحقق له ما أراد لأن في الأسبوع الذي تلا زواجه الجديد لم يره أحد إلا وهو مرفوع الرأس وعيناه تلمعان وتبرقان ببريق عجيب خلافاً لما حلّ به بعد أن اكتشف حكاية عبير ..ها قد تزوج بفتاة شريفة لم ينلها إنسان قبله حتى الحبيب الذي ألصقوها به ..




لكن ..ماذا تراه سيفعل لو علم أن زوجته " الفاضلة " تخرج مساء كل يوم إلى الغابة القريبة حيث يكون حبيب الأمس بانتظارها فترضي لهفتها وشوقها الملتهب ..بينما يكون " الزوج السعيد " جالساً في المقهى يدخن السجائر ويلعب النرد وابتسامة كبيرة تلهو فوق ثغره ..لأنه تزوج من فتاة شريفة ..فتاة لم تمسها يد إنسان قبله !!
النهاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق