من أنا

صورتي
عديلة القاف يوم القاف يطراها .. يهتز سامع قصيدي وينتشي قافي ... حورية(ن) من رياض الشام مرباها .. شيمه وقيمه ورفعه ومعدنن صافي ...

السبت، 22 أكتوبر 2011

عبير الرماد


أمعن صادق نظره في الرسائل والأوراق و المعاملات التي وضعها الموزع على الطاولة أمامه ولم تمض لحظات حتى بدأ يقلبها كأنه يبحث عن شيء مفقود بين تلك الأوراق المكدسة ثم انفرجت أساريره عندما لمح الرسالة المعنونة باسمه فحدث نفسه :
( منها تلك الرسالة , إنه خطها , أما زالت تحبني , أما زالت تتذكرني ) وتناول المغلف وارتاح في جلسته على كرسيه الحديدي القديم وبدون أن يشعر به أحد من زملائه الموظفين , مزق المغلف , ألقى نظرة عابرة على ما يحويه وسرعان ما أحس بقشعريرة تسري في أوصاله وشعر بدوار يلف رأسه حتى كاد أن يقع من على كرسيه .
لقد تأثر جداً وتألم من أعماقه عندما شاهد صورته وقد أعادتها ميادة إليه .. ميادة تلك العذراء الجميلة الملاك الحالم الفتاة التي تعرّف عليها منذ سنين فأحبها وأحبته وأخلص لها في علاقته العاطفية ثم أخرج صورته التي احتضنتها قصاصة من الورق كتب عليها :
(( طيفك خبئه لي .. عندك ,
بعد أن غمرته بالقبل اللاهبة
ليس لي مكان آمن من قلبك
كي أتمكن من أن أخبئه ,
وأنا كطيفك الحبيب
خبئنا معاً عندك ,
في أعماقك المجهولة ,
يا أعز حبيب ,
أنت .. يا أحلى من عمري )) .
فامتقع وجه صادق وتهالك على مقعده ثم تنهد بعمق وهو يتساءل في صمته عن السبب الذي جعل ميادة تعيد إليه صورته , ترى هل أخطأ معها حتى حاولت أن تنساه إلى الأبد هل خان العهد الذي اتخذه معها حتى بادرته بصفعة قاسية بهذه الطريقة .. أم أن حباً جديداً تسلل إلى قلبها حتى لجأت إلى بعثرة الحب القديم من فؤادها هل ,,؟؟؟ .
وازدحمت تلك التساؤلات في رأسه واحتار في الإجابة عن أية واحدة منها وأراد أن يبددها لكنه لم يستطع .
وفي زحمة تلك الأفكار والخيالات والتعليقات أعادته الذكرى إلى السنين الغابرة إلى بهجة العمر إلى رياض شبابه حيث شعر بالقرب منها أن أنسام السعادة هبت لتمسح عن جبين الحياة تعاسة وجوده في الحياة . كان ذلك منذ سنوات عندما التقى بها عن غير موعد في منزل أحد أقربائها ومن النظرات الأولى والأحاديث المتبادلة ارتاحت جوارحه الظامئة إليها ومالت عاطفته الثائرة نحوها واستلهم من عينيها النجلاوين إشراقة مستقبله وأثناء الحديث سألها :
-     أما زلت طالبة ؟
-     نعم
-     في أية مرحلة ؟
-     في صف الشهادة الثانوية .
ثم انتقل حديثهما إلى الأدب والشعر والفن والموسيقى وانطلقا معاً في بيدر الأحلام يملآن سلالهما بنجوم الآمال , سألها صادق :
-     ما رأيك بالحياة ؟
-     جميلة إذا استطاع المرء تحقيق ما يريد
-     وإذا لم يستطع
-     إنها تعيسة , يعيش الإنسان في زوايا فراغ مميت دون هدف أو رجاء ..
استولت ميادة بحديثها الجذاب على قلب صادق فوجد فيها الضالة المنشودة التي يبحث عنها كل شاب وعندما ودعته وافترق عنها شعر بانقباض نفسي وتمنى لو تمهلت عقارب الساعة في المضي حتى يتمكن من أن يبقى معها فترة أطول .
وذهب إلى البيت حاملاً في ذهنه أحلى صورة لـ ميادة واستلقى على سريره يتأمل طيفها في أرجاء الغرفة .. إنها فتاة الأحلام التي يبحث عنها طويلاً في ضمير مستقبله المجهول .. لابد انها ستفتح أمام شريك حياتها أفاقاً بهيجة مشرقة ..
سيحاول خطبتها من أبيها لكنه – الوزير السابق – ووالده الموظف البسيط وهو الموظف الحديث و لن يلتقي أحد منهم بالمركز الاجتماعي في نقطة البداية أو النهاية , هيهات كيف ستتم الخطبة ..؟؟ و أرهقهما الزمن وشعرا بالتعب والشرود العاطفي حتى التقيا في مركب الحب البهيج فتعاهدا على المضي معاً في طريق مستقبلهما لكن هل أخلفت ميادة العهد ومن أجل هذا أعادت إلي الصورة .. وهل سأبقى هكذا أقضم أنامل الوحدة والألم ..
وفي بحر تلك الذكريات المتلاطمة سمع صوت زميله :
-     سيد صادق هل وافقتم على الإجازة المرضية لـ خليل ؟
انتفض صادق من تأملاته وأجاب :
-     نعم .. منذ يوم أمس ..
ثم ألقى نظرة على قصاصة الورق التي احتضنت صورته .. وراح يتمتم :
(( طيفك خبئه لي .. عندك ,
بعد أن غمرته بالقبل اللاهبة
ليس لي مكان آمن من قلبك
كي أتمكن من أن أخبئه ,
وأنا كطيفك الحبيب
خبئنا معاً عندك ,
في أعماقك المجهولة ,
يا أعز حبيب ,
أنت .. يا أحلى من عمري )) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق